آراء ومقالات

عايش إكلينيكيا

بقلم/ أمل خليفة

يٌعرض على مسرح الهناجر للفنون بدار الأوبرا عمل مسرحي بعنوان عايش إكلينيكيا يستعرض العمل أنماط معينة من البشر موجودين بيننا بكثرة، إن جاز لي التعبير فهم نماذج إنسانية تمثلنا.

فعندما تتأمل أحوالهم لأول وهلة تعتقد إنك استطعت بسهولة ويسر أن تحدد من الجاني ومن المجني عليه، ولكن إذا استغرقت في التدقيق بموضوعية وعمق سوف تتداخل المتغيرات في عقلك ولن تستطع أن تجزم بحسم من الفاعل ومن المفعول به.
جسد العمل المسرحي مجموعة من شباب الفنانين السمة المشتركة بينهم انهم جميعاً من الدارسين للفن المسرحي ويجمع بينهم تفاهم ملحوظ جداً في أدائهم والكيمياء العملية التي تجمع بينهم وفي رأي المتواضع إنهم جميعاً في خلال فترة وجيزة إذا استمروا على نفس الاجتهاد والتفاني فسوف يصبحون نجوم صف أول مليء السمع والبصر 


يُعد العرض من نوعية الفصل الواحد، متعدد المشاهد، فرغم البساطة المادية للإنتاج كان هناك ثراء فني عظيم في كثير من العناصر مثل الديكور والأكسسوار الذي رغم بساطته إلا إنه أوحي للمشاهد بتغير الأماكن، وكذلك الإضاءة التي صممها محمد عبد المحسن فكانت أحد أهم أبطال العرض الأحياء جداً، واستطاعت بسلاسة أن تؤثر في مشاعر المتلقي ونفسيته من النقيض للنقيض،

ونستطيع أن نقول نفس الشيء عن الرقصات الاستعراضية التي صممها أحمد بيلا وقام بتوظيفها بشكل سلس لتربط بين الأحداث وتقوم بترميز أنيق يساعد المشاهد على التحليق بخياله في أفق متعددة المسارات، كما ساهمت موسيقي أحمد شعتوت علي دعم ومساندة الصورة المرئية، حتي الملابس كان لها أكثر من دور ووظيفة في النص حيث استطاعت في بعض المشاهد أن تثير بداخل المتفرج مشاعر الشفقة وفي مشاهد أخري كانت مبعث لجلب الضحكة، أما بالنسبة للمكياج كان يحتاج مزيد من الجهد والعمل.
في المجمل العمل كان وجبة دسمة متعددة الاصناف، وذلك بسبب ثراء نص المبدع أحمد فتحي شمس، فرغم إن الموضوع قد يكون مألوف إلا إنه متجدد التناول بفضل المفردات والإفيهات الجديدة التي تخللها بعض الإفيهات المألوفة من الأفلام والمسلسلات بل ومن الكوميديا المستخدمة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي
على جانب آخر بذل الفنانين مجهود مضاعف حيث إن معظمهم قام بتجسيد أكثر من شخصية وهذا جاء في صالحهم حيث استطاعوا إظهار موهبتهم بوضوح، وكان مفاجأة العرض هو أداء الزميل الصحفي الشاب جمال عبد الناصر الذي انضم للعرض منذ فترة وجيزة ولكنه أتقن أدواره ببراعة حيث قام بتجسيد أربع شخصيات مختلفين تماماً وهذا يعد تحدي وخاصة بالنسبة لممثل المسرح حيث مطلوب منه أن ينسلخ من دور ويدخل في آخر بنفس سرعة تبديل ملابس الشخصية التي يؤديها.


أما بطل العمل مصطفي حزين فلم أشاهد له شيء من قبل وليس لي به سابق معرفة لذلك كان مفاجأة كبيرة بالنسبة لي حيث إنه أجاد دوره بشكل كبير وفي رأي المتواضع هو كوميديان من مدرسة نجيب الريحاني وعبد الوارث عسر. هذا النمط الذي ينتزع البسمة من براثن الألم المبرح.

نأتي إلي بطلة العمل ونجمته الفنانة نهلة كمال فلقد قامت بأكثر من دور داخل العمل دور الخطيبة والزميلة في العمل وفتاة الليل والراقصة في الكبارية وجميع الأدوار كانت مبهجة ولكنها في الواقع كانت مسيرة وليست مخيرة وأعدها ضحية مثل البطل تماماً ، وجدير بالذكر أن مخرج العمل هو مؤلفه المخرج المبدع أحمد فتحي شمس الذي تم كل هذا النجاح والانجاز تحت قيادته.
يتناول العمل يوميات مدرس بسيط مطحون في الحياة بسبب شظف العيش من ناحية ومن ناحية أخري بسبب طيبته المفرطة التي يحاول الجميع الاستفادة منها أو استغلالها مما يؤدي إلى مفارقات تضع البسمة على الشفاة تارة، وتارة أخري تجعلك تستغرق في محاولة فهم حكمة الحياة.
وفي الختام العمل في المجمل أكثر من ممتاز قادر علي منحك كثير من البهجة التي نحن في أمس الحاجة إليها.

زر الذهاب إلى الأعلى