آراء ومقالات

رمضان في مصر حاجة تانية

بقلم: رفعت رشاد 

 

صورة حقيقية تقدمها أغنية المطرب العربي حسين الجسمي عن رمضان.. «رمضان في مصر حاجة تانية»، يصف في الأغنية كيف تكون مصر وكيف يكون شعبها خلال شهر رمضان، لطالما كان المصريون طليعين في تقديم الجديد في شهر رمضان.

 

ويعد هذا الشهر نسخة معدلة ومنقحة تتغير كل عام من شكل إلى آخر مجسدة قوة ناعمة لا مثيل لها يختلط فيها العادات والتقاليد والروحانيات والمشاعر الدينية وحتى الفن والدراما، شهر تمتلئ فيه الشوارع بالزحام البشري غير المتكرر في أي دولة عربية وتتلألأ فيه الأنوار وتبقى المحلات مشرعة أبوابها حتى مطلع الفجر، تتعامل في البيع والشراء.

 

لم يحدث ما يحدث في شهر رمضان بين يوم وليلة، لكنه تراكم على مدى قرون، احتضن المصريون الإسلام ونظموا حياتهم بناء على تعاليمه، وبالطبع لم يكن رمضان في العصور القديمة على مثل ما هو عليه الآن، فلم تكن الحياة ميسرة بهذا الشكل، كانت المسافات بعيدة بين البلاد ولم تكن وسائل الاتصال وجدت من الأصل، لم يكن سكان أي حي أو قرية قادرين على السهر أو السفر في مكان مجاور، فلا وسائل المواصلات تسمح بذلك ولا ظروف الناس توفر ذلك، كان أقصى ما يطمح فيه أحدهم أن يذهب إلى مكان يقرأ فيه القرآن ويتناول مع أقرانه قطعة من الحلوى- إن وجدت.

 

تغيرت أحوال رمضان بقدوم الفاطميين الأوائل الذين بنوا القاهرة والجامع الأزهر والقصور، كانوا من أصحاب المزاج في الحياة، فتح الخليفة الفاطمي أبواب القصر لنخب من الشعب لكي تسهر معه، وتتناول أعجب حلوى ذاك الزمان وهي الكنافة، وكان مجيء الخليفة ودخوله القاهرة أول مرة ليلا في شهر رمضان، فرصة لكي يخرج الشعب في استقباله بالفوانيس التي ارتبطت منذ ذلك الزمان بشهر الصيام، وهو ما حوَّل ليل رمضان إلى نور وبهجة، وصار التنقل أسهل في وجود الفوانيس كما استخدمه الأطفال للاحتفال بالشهر الكريم.

 

تعدلت وتغيرت عادات المصريين وتطورت منذ ذلك الوقت وصار قدوم رمضان مناسبة فرحة للشعب بكل فئاته، الأغنياء والفقراء، وصار شهر اندماج مجتمعي يجدد العلاقات بين أفراد الشعب وينشر روح التسامح وتكثيف السعي لنيل رضا الله بقراءة القرآن والاستماع إليه ومد فترات الصلاة والتصدق والتزكي ومساندة الفقراء، ومن أجمل مشاهده، مشهد موائد الرحمن التي تزدحم بها المدن والأحياء.

 

استحدثت في رمضان عادات وتقاليد جديدة وتمتلئ البيوت بلمة الإفطار وتزدحم المطاعم بعزومات الأحباب ولا يمل الناس من سماع الفنانين الشعبيين أحمد عبدالقادر ومحمد عبدالمطلب وعبدالعزيز محمود وغيرهم يغنون ترحيبا برمضان ويغنون تأسيا على رحيل الشهر المبارك.

 

من يزر الدول الإسلامية والعربية الشقيقة قد يجد فيها احتفاء واحتفالا برمضان.. لكن رمضان في مصر حاجة تانية.

زر الذهاب إلى الأعلى