

د. يسري عبدالعال
عزيزي القارئ، هذه المقالة استكمال لسلسلة أشتات في اللغة والأدب، حيث وعدنا في ختام المقالة العاشرة أن تخصص المقالة التالية للحديث عن بعض أسباب الأخطاء الفاحشة التي نراها تشيع في كتابات بعض الزملاء الصحفيين، والتي كشفتها كتاباتهم في صفحات التواصل الاجتماعي، التي بدورها تنشر من دون مراجعة؛ في حين إن كتاباتهم في الجرائد والمجلات تراجع من الزملاء في أقسام التصحيح والديسك فتخرج للنور صحيحة لاخطأ فيها، والكاتب بعد نشرها لا يدرك الفرق بين أخطائه والتصويبات التي تمت؛ لأنه يركز على نشر موضوعه وإخبار مصادره أن الموضوع نشر، وما من شك أن الخطأ الإملائي يشوه الكتابة ويعوق فهم الجملة، كما أنه يقلل من قيمة الكاتب؛ لأن الخطأ اللغوي هو مقياس دقيق للمستوى التعليمي الذي وصل إليه، ولعل هذا المقال مجرد إرشاد للقارئ كي يتجنب الأخطاء، وهو لن يغني عن الرجوع لكتب قواعد الإملاء.
في البداية أشير إلى أنني على قناعة أن هذه الأخطاء دليل على عدم القراءة؛ لأن اختزان صورة الكلمة في الذهن يأتي من كثرة القراءة، فالعين تحتفظ برؤية الكلمات في الذهن من كثرة تكرارها، ومن المعلوم أن الرسم الإملائي ليس إلا تصويرا خطيا لأصوات الكلمات المنطوقة أو المرسومة أمامه، وأول أسباب أخطاء الكتابة أن الكاتب لا يراعي الفرق بين طول الحركات وقصرها في النطق، فمنذ الصغر تعلمنا أن الفتحة حركة قصيرة إذا مددتها تتحول الى ألف المد، والكسرة حركة قصيرة إذا مددتها تتحول إلى ياء المد، والضمة حركة قصيرة إذا مددتها تتحول إلى واو المد، مثل: (قَتيل، كُنتم، مِئات) فهذه الكلمات حركتها قصيرة وتكون خطأ إذا قام الكاتب بمد الحركة القصيرة فتنتج كلمات إملائيا خطأ مثل: (قاتيل، كونتم، ميئات)؛ لذا لابد للكاتب أن يعرف الفرق بين الحركة القصيرة والحركة الطويلة وأن تطويل الحركة قد ينتج عنه أخطاء فاحشة.
ومن الأسباب أيضا أن الكاتب لا تكون لديه الدراية بالفروق بين مخارج حروف الكلمات التي تتضمن حروفا قريبة أصواتها من أصوات حروف أخرى بحيث يستطيع أن يميز بينها أو التي الفرق بينها التفخيم والترقيق، مثل: (السين والصاد) و(التاء والطاء) في مثل:(صوت وسوط) ومثل (الدال والضاد) في مثل: (مدين ومضيق) ومثل الذال والزاي والظاء والثاء، فمثلا كلمات مثل: (أذهان،الظل، لا يتسنى له، المدرسة الثانوية) فهذه الكلمات وأمثالها ممكن أن تكتب خطأ: (أزهان،الزل، لا يتثنى له، المدرسة السانوية) فهذا الخطأ نتيجه عدم التفرقة بين مخارج الحروف.
إنني من هذا المنبر الإعلامي المميز أدعو الكُتاب إلى مراعاة قواعد الكتابة السليمة، ولاعيب إن راجعوا قواعد الإملاء التي يسرها بعض الأعلام مثل المرحوم عبد العليم إبراهيم في كتابه (الإملاء والترقيم)، والمرحوم عبد السلام هارون في كتابه (قواعد الإملاء وعلامات الترقيم)، وهما متاحان على الشبكة العنكبوتية بصيغة pdf.