

د. يسري عبدالعال
نواصل -عزيزي القارئ – ذكر بعض المتفرقات الأدبية واللغوية، منها ما يتعلق بأصول دلالات بعض العبارات، أو تصويبات لغوية لأخطاء تشيع على الألسنة.
• الأرْيَحِيَّةُ: خَصْلةٌ تجعل الإنسانَ يرتاح إلى بذل العطاء والأفعال الحميدة، يقال: “فلان مشهور بأريحيَّته”، أي بالبذل والسخاء. والأَرْيَحِيُّ: الواسع الخُلُق، جاء في لسان العرب لابن منظور: والأَرْيَحِيُّ: “الرَّجُلُ الْوَاسِعُ الخُلُق النَّشِيطُ إِلى الْمَعْرُوفِ يَرْتاح لِمَا طَلَبْتَ ويَراحُ قَلْبُه سُرُورًا. والأَرْيَحِيُّ: الَّذِي يَرْتاح للنَّدى أي الكرمٌ، والجُودٌ، والسخاءٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ وَاسِعٍ: أَرْيَحُ”.
هذا هو المعني الأصلي للكلمة، لكن تستخدم الكلمة حديثا أحيانا بمعنى الراحة والاطمئنان، فنجد كاتبا يقول: “نستطيع أن نقرر بكل أريحية أن …”، أو نجد معلقا يقول: “يتبادل اللاعبون الكرة بكل أريحية فيما بينهم”، أي بكل سهولة وراحة، فهل تقر لجنة الألفاظ والأساليب بمجمع اللغة العربية هذا المعنى، بعد دراسته وتضمينه المعاجم؟
• العبيط : غبيّ، أبله، غير ناضج، يقال: “رجل عَبيط”، والعَباطة: الغباء، وعدم النُضج يقال: “شابٌّ على درجة من العَباطة”، والاعتباط : القيام بعمل أو التوقُّف عنه بدون عِلَّة أو سبب أو مُبَرِّر، يقال: “تصرَّف اعتباطًا- فرَض رأيَه اعتباطًا- قام بعمله اعتباطًا فلم يبلغ به هدفًا”. والاعتباطية: حالة من العشوائيّة والفوضى في اتخاذ القرار، يقال: “اتَّسمت تصرفاته بالاعتباطيّة”. واستعبط: ادَّعى العباطةَ، واستعبط فلانٌ فلاناً: تصوره أو ظنه عبيطاً”. وهذه الكلمة أجازها مجمع اللغة العربية مؤخرا.
هذا عن المعنى المستخدم الحديث في مادة “عبط”، لكن بالبحث عن المعنى الأصلي نجده يختلف عن هذه الدلالة، فقد جاء في معجم تاج العروس ملخصا: “العَبْطُ: أَخْذُكَ الشَّيءَ طَرِيًّا، ومنه العَبِيطِ، وَهُوَ الدَّمُ الطَّرِيُّ، والمَعْبُوطَةُ: الشَّاةُ المَذْبوحَةُ صَحِيحَةً لا من علة، وعبَطَ الذَّبيحَةَ يَعْبِطْها عَبْطًا: نَحَرَها من غيرِ عِلَّةٍ من داءٍ أَو كَسْرٍ. كذلك ورد من معاني مادة”عبط” الشق، يقال:عبَط الشيءَ والثوبَ يعبِطُه عبْطًا: شَقَّه صَحِيحًا، فَهُوَ مَعْبُوطٌ وعَبِيطٌ، وَالْجَمْعُ عُبُطٌ؛… وَثَوْبٌ عَبِيطٌ أَي مَشْقوقٌ. وهناك دلالتان تشيعان في العامية: الأولى عبطه بمعنى اعتنقه واحتضنه، يقال: عبطه عبطا إذا ضمه إلى صدره وأحاطه بيده. ولعلها من أبطه أي ضمه إلى إبطه، ويقولون أعطاه عبطة أي أعطاه حضنا. والدلالة الثانية امتداد للدلالة السابقة، وهي احتضان الخصم ثم ضربه بالعصا أو ما شابهها من الخلف، فيقال: عبطه أي ضربه. ولعل لجنة الألفاظ والأساليب بمجمع اللغة العربية تجيزها مثلما أجازت “استعبط”.
• همج: رعاع من النّاس لا نظام لهم، وقومٌ هَمَج: لا خير فيهم، وتطلق أيضا على الحَمْقَى، وإذا كان الإنسان وحشيّ غير متحضِّر يقال عنه: “رجل هَمَجِيّ”؛ فهو مُفتقر للطِّيبة والشَّفَقة والعاطفة، ويوصف تصرفه بأنه “عمل هَمَجيّ”، والهمجية: حالة شعب لم يأخذ بأسباب الحضارة، يقال: “مازال بعض البشر يعيشون في همجيّة”.
هذا هو الاستعمال الدلالي الشائع لكلمة “الهمج”، أما عن الدلالة الأصلية للكلمة، فيوضحها ابن الأنبارى صاحب كتاب “الزاهر في معاني كلمات الناس”، حيث يقول: “الهمج أصله في كلام العرب: البعوض، ثم قيل للرذال من الناس همج”. ويقول أبو عبيد صاحب كتاب الغريببن في القرآن والحديث عند كلامه عن حديث علي رضي الله عنه: (وسائر الناس همج رعاع)،: “قال الليث: الهمج: كل دودة تتفقأ عن ذباب أو بعوض وأشباه ذلك، ويقال: لرذال الناس همج تشبيها بها، وقال ابن السكيت: الهمج: جمع همجة وهو ذباب صغير يسقط على وجوه الغنم والحمير، ويقال للرعاع الحمقى همج”.
من الأخطاء الشائعة
• من الخطأ القول: هازم اللذات.
والصواب هاذم (بالذال) أَيْ: قَاطِعُهَا، أو هادم (بالدال) أي: مزيلها، وَالْمُرَادُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْمَوْتُ؛ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ لَذَّاتِ الدُّنْيَا قَطْعًا.
• قل: سم ذُعاف وزُعاف (بالذال والزاي) معا: أي قاتلٌ في حِينه.
وللحديث بقية إن شاء الله.