

د. يسري عبدالعال
نواصل -عزيزي القارئ – ذكر بعض المتفرقات الأدبية واللغوية، منها ما يتعلق بأصول دلالات بعض العبارات، أو تصويبات لغوية لأخطاء تشيع على الألسنة.
المعمعة: تطلق لفظة المعمعة ويقصد بها الحرب والفتنة، يقال: “حميتِ المعمعةُ” أي زادت شدة القتال، كما تطلق على كل خلاف شديد حزبيّ أو تعصّبيّ. لكن هل تعلم- عزيزي القارئ- أن أصل دلالة المعمعة هي حكاية صوت الأبطال في الحرب، وهذا يفسر انتقال الدلالة إلى الحرب، وكذلك هي في الأصل حكاية صوت النار في الحطب، وصوت الحريق في القصب، وهذا يفسر أيضا انتقال الدلالة إلى شدّة الحرّ، وأصبحت المَعْمَعَةُ تدل على السَّيْرُ فِي شِدَّةِ الحَرِّ؛ لذا نجد المعاجم مثل لسان العرب تنص على: “وَيُقَالُ لِلْحَرْبِ مَعْمَعةٌ، وَلَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما صَوْتُ المُقاتلةِ، وَالثَّانِي اسْتِعارُ نارِها”. وجاء في مختار الصحاح: “(الْمَعْمَعَةُ) بِوَزْنِ (الْمَزْرَعَةِ) صَوْتُ الْحَرِيقِ فِي الْقَصَبِ وَنَحْوِهِ. وَصَوْتُ الْأَبْطَالِ فِي الْحَرْبِ. وَ(الْمَعْمَعَانُ) بِوَزْنِ (الزَّعْفَرَانِ) شِدَّةُ الْحَرِّ، يُقَالُ: يَوْمٌ مَعْمَعَانٌ.
وهناك كلمة أخرى ليس لها علاقة بدلالة “المَعْمَعَة” السابقة، ولكنها تتعلق بحكايتها لكلمة “مع” والإكْثَارُ منْ قَوْلِها، أقصد كلمة “المَعْمَعي” وتطلق على الشَّخْصُ المتردَّد، الذي لايثبت على رأي، كأنَّه يقول لكلِّ أحد: أنا مَعَك، لذا يقال للشخص الذي يكثر من قول” مَعَك”: “ما عهدناك تُمَعْمِع”. و”إلى متى تستمر تمعمع؟”. وَ(الْمَعْمَعِيُّ) الَّذِي يَكُونُ مَعَ مَنْ غَلَبَ”، وهذا يقودنا للكلمة التالية.
الإمَّع والإمَّعة: وهو الذي لا رأي له، فهو يتابع كل أحد على رأيه، وهو أيضا الذي يتبع الناس إلى الطعام ولم يُدعَ إليه، وهو كذلك المتردد فيما يصنعه، والتاء هنا للمبالغة وليست للتأنيث.
وهاتان الكلمتان (إمَّع وإمَّعَة) ورد فيهما كسر الهمزة– وهو الأشهر- ويمكن تفسير كسر همزتهماعلى أنهما حكاية لقولنا: “إني مع”، ويؤيد رأينا قول أبي جعفر النحاس في كتابه “عمدة الكتاب ص 424”: “الإمَّعة الذي يقول: إني مع الناس، يعني: متابعته كل أحدٍ على رأيه ولا يثبت على شيءٍ”
كما ورد فيهما فتح الهمزة (الأمَّع والأمَّعة) وهذا قول الفراء -أحد علماء اللغة في القرن الثالث الهجرى- وأيضا يمكن تفسيره على أنه حكاية لمن يقول: “أنا معك”، لكن لغة الكسر هي التي شاعت وغلبت في الكلام؛ حكايةً لهذين القولين.
ويقول صاحب تاج العروس تعليقا على كلمة (إمَّع): ” وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلاّ رَجُلٌ إِمَّرٌ، وَهُوَ الأَحْمَقُ. قَالَ الأَزْهَرِيُّ: وكَذلِكَ الإِمَّرَةُ، وَهُوَ الَّذِي يُوَافِقُ كُلَّ إِنْسَانٍ عَلَى مَا يُرِيدُه”. وفي موضع آخر يقول: “قَالَ ابنُ الأَثِير: “هُوَ الأَحمق الضعيفُ الرَّأْيِ الَّذِي يقولُ لغيرِه: مُرْنِي بأَمْرِكَ”. إذن الرجل الإمَّر: هو الذي يأتمر لكل أحد، قال صاحب لسان العرب: وَرَجُلٌ إِمَّرٌ وإِمَّرَة وأَمَّارة: يَسْتَأْمِرُ كلَّ أَحد فِي أَمره”. ويمكن أن نفسره هنا بأنه حكاية لقول: “إني بأمرك “.
من الأخطاء الشائعة:
• من الأخطاء الإملائية في رسم الألف اللينة الخلط بين رسم الكلمات بالألف والياء، من ذلك أن تكتب إداة الاستثناء “سوى” بالصورة التالية: “سوا” بالألف خطأ؛ لأن من قواعد رسم الألف اللينة بالياء إذا كان الاسم وسطه حرف لين (الواو)، مثل: “الجوى والهوى وسوى”؛ أن ترسم الألف اللينة بالياء.
• ومن الأخطاء الإملائية أيضا في كتابة الألف اللينة أن تكتب كلمة مثل “مستوى” بالصورة التالية: “مستوا” بالألف خطأ؛ لأنها وأشباهها- طبقا لقاعدة رسم الألف اللينة- اسم زائد عن ثلاثة أحرف وليس قبل الألف ياء؛ لذا فحق ألفها أن ترسم بالياء.
وللحديث بقية إن شاء الله.