ثقافة

إثنى عشر عاماً .. من العبودية هل الملائكة بيضاء؟

 

بقلم: شيماء عادل

 

لا يكاد يمر يوم إلا وتسمع فيه نداءات الحرية، وشعاراتها الرنانة .. الكل يريد الحرية، ولكن الحرية لمن؟! للجميع… أم لأجناس منتقاة؟!

 

12 عاما من العبودية

 

هو كتاب سيرة ذاتية في قالب روائي بقلم “سولمون نورثوب” ، نشرها عام 1853 قبل الحرب الأهلية بحاولى ثماني سنوات ، حيث تم الأشارة فيها إلى رواية كوخ العم توم، والتى نُشرت قبلها بعام ، واعتُبرت حجر الأساس للحرب الأهلية ، مما صورته من واقع معاناه السود مع العبودية.

تمَّ إقتباس المذكرات في عملين، أحدهما عام 1984 بعنوان “رحلة سولمون نورثوب” ،والآخر في فيلم “عبد لأثنى عشر عاما” عام 2013، بطولة شيواتال إيجيوفور وبراد بيت، ومن اخراج ستيف ماكوين.

بيعت من الرواية حوالى 30000 نسخة -وهذا رقم كبير وقتها- ، ونُشرت في عدة طبعات ، وأُعيد إكتشافها وتنقيحها ونشرها في أواخر الستينيات.

حصل الفيلم أيضاً على تقييمات وإشادات إيجابية من الجمهور والنقاد، وحصل على جائزة الجولدن جلوب لأفضل فيلم دراما، وتم ترشيحه للأوسكار 9 مرات في جوائز مختلفة.

 

من الحرية للعبودية

 

تحكي القصة عن سولمون ، رجل أسود البشرة يعمل بالنجارة وعزف الكمان، متزوج وله ولدان ، يعيش حياه مستقرة نوعاً ما، حتى يقنعه أثنان بالعمل كعازف محترف ويخدعانه، ليجد نفسه مقيداً ويباع كعبدٍ لرجل أبيض، ليعمل في المزارع؛ مواجهاً كافة أنواع الضرب والذل والعنصرية.

بعد عدة محاولات يستطيع التواصل مع معارف قدامى، وإثبات أنه رجلٌ حر، ويعود لعائلته بعد فراق 12 عاماً تغير فيها الجميع.

في القصة الحقيقة ، وبعد عودة سولمون لعائلته، قام برفع قضية ضد مختطفيه، ولكن لم يتم إدانة أحد.

إختفي إيضا سولمون بعد نشر مذكراته بأربع سنوات، ولا أحد يعلم مصيره.

 

 

فيلم وكتاب

 

الفيلم مقتبس نصاً وموضوعاً من المذكرات، حيث صور فيه المخرج معاناه السود والأفارقة في الحياة بأمريكا، من خلال تصوير مساويء الأستعباد -وكأن له مزايا-، حيث تجد مشاهد التعذيب حاضرة بقوة، نظرات الإستعلاء والإشمئزاز، كما تجد العاهات والتشوهات الواضحة في أجساد العبيد؛ بسبب التعذيب الذي يتعرضون له، وكل هذا تحت غطاء ديني -كما أوضح في جزء ما من الفيلم بإن تعديب العبيد من وصايا المسيح-، كما تجد فكرة إنعدام الخصوصية للعبيد واضحة في بعض مشاهد العرىّ التى لن تناسب الجميع .

الفيلم يتمتع بجزء كبير من المأساوية والحزن ولكنه يعبر بصدق عن فترة مظلمة في حياة الكثير ممن عانوا من الإضطهاد العرقي وسُلبت منهم حريتهم في بلاد الحرية.

ترى أيضا مشاهد تعبر عن لامبالاة وكراهية غير مُبررة تجاه العبيد، وكيفية تحكم المال في تفكير أسيادهم الأحمق، وكيفية خلق فكرة كراهية الأمريكي الأبيض؛ بتجرده من أساسيات الضمير الإنسانى.

 

حق تقرير المصير

 

من المضحك المبكى، أن تجد أكبر دولة عانى أفرادها من العنصرية, والإضطهاد، هي المتحدثة بإسم حرية وحقوق الأنسان، فأنت لاتملك حق تقرير مصيرك إذا لم تكن اوروبيا أو أمريكيا أبيض البشرة، ناهيك عن التمييز الديني.

بأى حق يظن البعض أنهم يملكون زمام توزيع الحرية، بسبب صفات شكلية لا دخل لأحد بها، سوى إنها من توزيع الخالق؟!

بأى حق تظن أنك فوق كثير من الناس، وإنك إفضل من البعض؟ ومن أين لك كل تلك الثقة؟

من أين اتت فكرة أن الشريحة التى ينتمى إليها البعض، هى المحدد الرئيسي لأفعالهم وأفكارهم، وكأنهم مجرد نسخ كربونية وليسوا بشراً؟!

إنَّ العنصرية كانت -ولازالت- من أبشع ما يعانى منه العالم، فانت تجد الكثير من الناس ينتقدون ما لادخل للبشر فيه، سواء لون أو دين أو إعاقة، لدرجة أنك تجد شخصا لايعيبه شيء، ولكنه غير راضٍ وكأنه في سباق مع نفسه، ولكن في المضمار الخطأ، ليصل الأمر بالكثير ليتصور أن الملائكة بيض البشرة، وكأن السواد فيه ما يعيب المخلوق به، وكأن هناك ما يعيب خلق الله من الأساس!.

 

 

• في النهاية الأكثر وجعا من ان تولد عبداً؛ هو أن تتذوق طعم الحرية ثم تتحول بين عشيةً وضحاها إلى عبدٍ.

قعلى الرغم من إلغاء قوانين العبودية، إلا إنها لازالت حاضرة -بقوة- في كل تفاصيل حياتنا، لا أقول بهذا أن تتمرد علي كل شيء، ولكن لا تنسى نفسك الحقيقة وسط كل هذا الزحام

 وتذكر بأن للكونِ رب، فلا تحكم على أحدٍ، ولا تسمح لأحدٍ بالحكم عليك

زر الذهاب إلى الأعلى