

بقلم : شيماء عادل
يُفقدَّك الغرور أكثر مما يعطيك .. وفي حقيقةِ الأمر؛ أنك تبدأ بفقدان مميزاتك حين تبدأ بالتباهي بها ، تصيبك لعنة أصابت كل من ظن أنَّ الدنيا ملك يديه ، وفي هذا أمثلة كثيرة لا مجال لحصرها، ولكنك ستسمع عنها من الجميع.
• تيتان ونبوءة الموت
في عام 1898م كتب “مورغان روبتسون” رواية بإسم “العبث: حطام السفينة تيتان” ، يحكي فيها عن سفينة بمواصفات خيالية، تملك من الرفاهية ما لم تملكه سفينة قبلها ، تُبحِر السفينة في المحيط الأطلسي وسط إحتفالات صاخبة وتباهي الجميع، لتغرق في منتصف الطريق بعد إصطدامها بجبلٍ جليدي ليموت أكثر من نصف ركابها .
إشتهرت الرواية شهرة واسعة بعد حادثة السفينة عام 1912م ، مما جعل “مورغان” يعيد صياغتها وتغيير نهايتها لتشابه تقريبا سفينة تايتانيك، وعلى الرغم من إسهامات مورغان في الأدب إلا إن روايته تلك كانت أكثرهم شهرة .
بعد 14 عاما، تحديدا في أبريل 1912، أبحرت من الأراضي الإنجليزية بإتجاه الولايات المتحدة الأمريكية السفينة التى لا تقهر “تايتانيك” في رحلة أرض الحرية -كما قالوا عنها- ، والتى تم تصميمها بشكل يطابق -تقريبا- وصف السفينة تيتان، لتتكرر نفس المأساة مجددًا تاركةً وراءها تساؤل: هل هي لعنة أصابت الإسم؟ أم غرور صانعها وقائدها هو من تسبب في مقتل الركاب!؟
• تايتانيك .. قصة حب لمأساه غير مسبوقة
ألهمت قصة تايتانيك “جيمس كاميرون” ليقوم بكتابة قصة فيلم تايتانيك وإخراجها وإنتاجها .. ليحكى فيه عما حدث للسفينة تيتانيك علي هيئة الفلاش باك لبطلة القصة، والتى يتم الأستعانة بها من قِبًّل فريق بحثي لتحديد مكان حطام السفينة، كل هذا في إطار رومانسي لربط المأساة في عقولِ المشاهدين والتأثير عاطفيا عليهم .
قام “كاميرون” بتصوير حِطام السفينة الحقيقية في الفيلم ، وأيضا بإستخدام سفينة المستكشفين الحقيقية ، والعديد من المخططات الحقيقية للسفينة، وقصص الناجين ، والكثير من التفاصيل المبهرة التى جعلته من أضخم الأفلام في ميزاينة الأنتاج، والتى بلغت حوالى 200 مليون دولار -أى تقريبا مليون دولار لكل دقيقة في الفيلم- .
صدر الفيلم من بطولة: ليوناردو ديكابريو ، وكيت وينسليت، في عام 1997م في مدة ثلاث ساعات تقريبا كأطول فيلم وقتها، وبرغم التخوفات حقق نجاحًا مُنقطع النظير، ليكون أعلى الأفلام إيراداً حتى عام 2010 قبل ظهور فيلم أفاتار ، كما تمَّ ترشيحه للكثير من جوائز الأوسكار ليتم تخليده في ذاكرةِ الجميع كعمل أيقونى.
• بين الحقيقة والكتابة
تشابهت الرواية ووصف السفينة إلى حدٍ كبير جدا، بإختلافات طفيفة في أبعاد السفينة وعدد الركاب، ولكنها تطابقت في نسبة الوفيات التى وصلت إلى النصف، وأيضا طريقة الغرق الغامضة .
قيل في تشابه المواصفات الشكلية: أن صانع السفينة قرأ الرواية وأعجبته الفكرة، فصمم السفينة بذات الشكل، طامعا في نهاية سعيدة تختلف عن الرواية .. فلا ندرى أهى لعنة الأسم؟ أم غرور القائد؟ أم هناك شيء غامض في تلك البقعة من المحيط!؟.
على الرغم من خيالية قصة الحب، إلا إن الفيلم إحتوى علي شخصيات حقيقية كانت علي متن السفينة الغارقة مثل: “مارغريت براون”، ومصمم السفينة “توماس أندرسون”، والقبطان جيمس سميث”، و”ج.بروس” مدير شركة وايت ستار الممولة لبناء السفينة، والضابط “وليام مردوك” الذي أطلق النار على الركاب أثناء تدافعهم وأنتحر لشعوره بالذنب، وأيضا “والاس هارتلى” عازف الكمان الذي عزف المقطوعة الأخيرة مع طاقمه ومات غرقاً، والعديد من الشخصيات الحقيقية التى كانت لها أيضا حكايات خاصة عن رحلة الموت تلك.
• هل تكررت المأساه ؟!
تابعنا جميعا الغواصة تيتان التى حملت بداخلها خمسة من أغنى رجال الأعمال -على إختلاف أعمارهم-، في رحلة ترفيهية لرؤية حطام السفينة تايتانيك .. وعلى الرغم من كل التدابير، والأجراءات الأحتياطية، ومواصفات بناء الغواصة الخيالية – والتى جعلتها أشبة بسفن الفضاء-، إلا أن النهاية واحدة لكل ما أرتبط بهذا الإسم؛ ليموت الخمسة بعد انبعاج الغواصة بشكل لا يُصدّق، ليرقد حطام الغواصة بجانب حطام السفينة.
دائما أرتبطت قصة تيتان أو تايتانيك بالغرور وإدعاء إمتلاك القوة المطلقة، ليظن صانعوا السفينة أوالغواصة أنهم صنعوا ما لا يُقهر ولا تقدر عليه ظروف مناخية أو طبيعية، لتنتهى القصة دائما بمأساة في درس واضح : أن الكون له ربٌ واحد يضع قوانينه ولا ينازعه في مُلكِه أحدٌ ..
• في النهاية .. قد تشعر أحيانا أنَّك مُحاصَر بمشكلاتِك التى لا تجد لها حل .. أو إنّك تحت سطوة ظلمٌ وظالمٌ لا فرار منه .. ولكن تذكر أنَّ القوة ليست في إمتلاك المعارف، أو المال، أو كل ما هو متغير وزائل في الحياة .. القوة في يد الله، والأمر كله بيديه.