تحليلات

لواء نصر سالم وحوار تحليلي حول الأحداث الجارية في غزة

  • أمريكا هي الوحيدة المستفيدة من الأحداث الجارية في منطقة البحر الأحمر
  • منع دخول المساعدات إلى قطاع غزة.. أكاذيب يروجها العملاء وأبواق الإخوان
  • الضربة التي أخذتها إسرائيل تُدرس تحت عنوان «كيف تقهر جيش من الجيوش الكبرى»

حوار – أمل خليفة

منذ اندلاع الحرب الفلسطينية الإسرائيلية، وهناك تدفق إخباري كبير حول هذا الحدث، ولكن في ظل تضارب المصالح والأهداف، نجد كثير من الشائعات الموجهة والمعلومات المغلوطة والقصص المزيفة بعضها تبثه وسائل إعلام معادية، والبعض الآخر تروجه وسائل إعلام رقمية غير مهنية، ومن أجل معرفة حقائق الأمور كان لنا هذا الحوار مع لواء دكتور نصر سالم مستشار أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية، وإليكم نص الحوار.

هل من المتوقع أن تندلع حروب جديدة في المنطقة؟

السؤال سهل والإجابة صعبة، ولكن سوف أجيب من أجل أن نطمئن القارئ، فالكل ينفخ في النار بهدف (جر رجل مصر) ومصر كالقابض على الماء، وتخشى أن تخونها فروغ الأصابعٍ، فالظروف مضطربة من حولنا، ولولا تمسكنا بما يسمى استراتيجية الردع، حيث اننا نمتلك قوة الدفاع عن أنفسنا وعن مصالحنا وعن أمننا.

طالما إننا نملك استراتيجية الردع فلماذا لم نتدخل فيما يحدث في غزة ؟

كيفية ترشيد استخدام قوة الردع أهم بكثير من امتلاكها، لأن من يريدون توريط مصر يهدفون في المقام الأول إلى تجريدها من قدراتها. لو العملية في نطاق إسرائيل فقط فالأمر هين، وانما المشكلة تكمن في تدخل امريكا الواضح، والدليل على ذلك مساندتها لإسرائيل فيما تفعله في غزة، وتربصها للحوثيين، فما بالك إذا واجهت مصر إسرائيل، فالمشكلة ليست في إسرائيل في حد ذاتها، ولكن المشكلة في أمريكا التي تريد أن تخضع المنطقة بالكامل لأهوائها، فلم يعد يستعصي عليها أحد سوى مصر التي يريدون جرها لغلطة، وربنا يستر ولا ننجر لهذه الغلطة.

ما سبب كثرة الحديث عن محور فيلادلفيا؟

بعض الإعلاميين رغم احترامي لهم يتحدثون عن أشياء لا يعلمون عنها شيئاً، فأنا لا يزعجني إلا من يتحدث في كل شيء، ولا يعرف أي شيء، والدليل على هذا أحد الإعلاميين تحدث عن محور فيلادلفيا قائلاً: إسرائيل لن تستطيع أن تقترب له، فكيف يقول هذا ومحور “فيلادلفيا” تسيطر عليه إسرائيل بالفعل لأنه ببساطة داخل قطاع غزة؟! واسرائيل دولة احتلال أي أن محور فيلادلفيا بالفعل تحت سيطرتها. وقيسي على ذلك فهناك الكثير من الاخطاء التي يقع فيها إعلاميين كبار لا داعي لذكر أسمائهم. فهذه الأخطاء قد تكلفنا ثمن فادح.

هناك تحريض من إعلام الخارج للجمهور، وضغط من الإعلام في الداخل فما الحل من وجهة نظرك؟

يجب علينا أن نساعد القيادة السياسية على عدم الاندفاع أو المغامرة، لأن هذا هو المطلوب، فإعلام الخارج ينفخ في النار، و في إعلام الداخل هناك من يقول إن لدينا القدرة التسليحية، نعم نحن لدينا القدرة، ولكن لملاقاة من؟ ومن الذي سينتظرنا؟ فإذا دخلنا الحرب أول من سيتخلى عنا ويرفع يده هم أولئك الذين يحرضوننا على التورط، فالقرار السياسي عبارة عن كرة من النار في يد القائد وربنا يصبره عليه، لأنه يتلقى استفزاز بكل الطرق وبشتي الوسائل فالجميع ينتظر غلطة تبدر منا.

إلي أي مدى ممكن أن يستمر الضغط علي مصر وترويج الاكاذيب عنها؟

ما يحدث حالياً يسمى عض الأصابع فكل طرف يعض على أصبع الآخر إلى أن يصرخ أحدهم، العملاء وأبواق الإخوان هم من يروجون الأكاذيب عن مصر والادعاء بأن مصر هي من قامت بمنع دخول المساعدات، ولكن العالم كله كذبهم، وعندما جاء (أنطونيو جوتيرش) أمين عام الأمم المتحدة بنفسه ووقف على المعبر لم يستطيع أن يمر، فالأمم المتحدة ومنظمة الأونروا وكل من يمر مع المساعدات يعلم ويعرف جيداً مقدار التعنت الإسرائيلي في مرور المساعدات.

ما سبب تحركات أمريكا في البحر الأحمر؟

بسبب تهديد الحوثيون بضرب السفن الإسرائيلية، رغم إنه مجرد تهديد، فلم يحدث في البحر الأحمر ما يحتاج لكل ما تفعله امريكا، والسفن تمر عادي، ولكن شركات التأمين الاسرائيلية تهدد باللف من طريق رأس الرجاء الصالح وذلك حتي تتدخل أمريكا وتقوم بتعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر وتوقف العمل بقناة السويس.
– هل أثر التدخل الأمريكي في

البحر الأحمر على ممر قناة السويس؟

حالياً قناة السويس تخسر حوالي 40% من دخلها، حيث أصبح المرور منها أقل بسبب “البروباجندا” التي قامت بها إسرائيل، على الجانب الآخر التدخل الأمريكي البريطاني لم يردع الحوثيين بل زاد من اثارة حفيظتهم، وزاد من ضرباتهم، فلقد حاولوا أسقاط حاملة طائرات بصاروخ “كروز” بهدف اغراقها، ولا أستبعد أن يساعدهم الروس في عمليات مشابهة، مثلما ساعدت أمريكا أوكرانيا في ضرب الطراد الروسي “موسكفا” أو موسكو الذي قاموا بضربه في البحر الأسود وهنا ستصبح الفرجة ببلاش مثلما يقولون.

ما وجه الاستفادة العائدة على أمريكا من اشتعال الاحداث في منطقة البحر الأحمر؟

امريكا هي الدولة الوحيدة المستفيدة من ما يجري من أحداث في منطقة البحر الأحمر في أمرين، الأمر الأول يتعلق بتصدير الغاز المسال فالعالم كله كان يشتري من دول الخليج، حالياً أمريكا هي الدولة رقم واحد في العالم في تصدير الغاز الصخري الذي كان يُعد باهظ الثمن ولا أحد يُقبل على شراءه، حالياً تصدره إلى أوروبا بالسعر الذي تريده وذلك بسبب ما يوجد من مشكلات في البحر الأحمر تعرقل تصدير النفط والغاز الخليجي إلى أوروبا.

(أمريكا دولة تعبد الدولار وتسجد أمامه) الأمر الثاني الفكرة التي تروج لها أمريكا وهي “الطريق الهندي” وهو الطريق الذي يمر على دول الخليج وصولاً إلى إسرائيل بديلا لقناة السويس، وهذا المشروع لن يكون له جدوي إلا إذا أغلقت قناة السويس وتعطلت. (طبعاً الأعور أحسن من الأعمى)

ماذا تعني بعبارة “الأعور أحسن من الأعمى” ؟!

المقصود هو إذا كانت السفن لا تستطيع أن تمر عبر قناة السويس وتغامر، فلن يوجد أمامها سوى الطريق الهندي الذي تروج له امريكا، و فيما مضي جربوا هذا الطريق وقالوا عنه إنه جيد ولكن ليس له جدوى اقتصادياً.

متي سيكون له جدوي؟

نعم فلن يكون له جدوى إلا إذا كان هناك مشكلة في المرور من قناة السويس، فاليوم أمريكا تروج لهذا الطريق البري الهندي، وتقوم ببيع الغاز والبترول الصخري وعطلت بيع النفط الخليجي ورفعت السعر، وهي الوحيدة المستفيدة من هذا الوضع، فالموضوع في حقيقته ليس حماية للبحر الاحمر .

ألم يكن هناك حماية دولية للمياه الدولية ؟!

بالطبع هناك قوة المهام المشتركة 153 التي من بينها أمريكا ومصر والسعودية والاردن والامارات، فقوة المهام تضم 39 دولة ومقرها البحرين وهذه القوة أنشأت خصيصاً لتأمين البحر الأحمر، ومع ذلك أمريكا قامت بإنشاء “تحالف حارس الازدهار” من أجل السيطرة على البحر الأحمر والتصدي لقوات الحوثي ولكن الهدف الحقيقي هو الضغط على مصر، الله يكون في عون القيادة التي تحمل كرة اللهب!

ما تقييمك لنتائج هذه الحرب رغم المساندة الغربية لدولة الاحتلال؟

فلسطين انتصرت على أي حال، فكل من مات شهيد هو بذرة لشجرة شهداء، يجب علينا أن نلغي كلمة قطاع غزة ونسميها “قطاع بذور الشهداء” لأنها امتلأت بهذه البذور التي سوف تنبت أشجاراً من الشهداء المستقبليين الذين سوف يقومون بإزالة دولة الكيان، ومن عليها وعندها يتحقق حديث رسول الله الذي يقول فيه: “لا تقوم الساعة حتي يقاتل المسلمون اليهود، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر الشجر فيقول الحجر والشجر: يا مسلم هذا يهودي خلفي، تعال فأقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود” فمن سيطارد اليهود في الشوارع هم أبناء شهداء اليوم، فتحت كل مبني تهدم وأسفل كل طوبة توجد بذرة شهيد، سوف تنبت سبع سنابل من أبناء شهداء الذين سوف يقضون على دولة الكيان.

كيف استطاعوا الصمود رغم كل ما مروا به من ويلات؟

اعتادوا علي ذلك، فهم يتسابقون من أجل أن يذوقوا حلاوة الشهادة، فالرسول يقول” ما من أحد يدخل الجنة ويحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد يتمني أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يري من الكرامة” الدنيا تتغير واليهود والامريكان لم يفهموا بعد، فهناك الاف القتلى والجرحى، فمن أستشهد فاز بالشهادة ودخل الجنة، فالشهادة نصر من عند الله، أسفرت عن بذور شهداء زُرعت تحت هذا القطاع وسوف تثمر في السنوات المقبلة.

لماذا تتحدث عن بذور الشهداء بهذا القدر من التفاؤل؟

لأن الذين قاموا بعملية طوفان الأقصى هم بذور شهداء الجرف الصامد والرصاص المصبوب وأعمدة الغين، شهداء الانتفاضات منذ عام 2008 حتى 2014، إسرائيل تقوم بعمليات ابادة للفلسطينيين، والمقاومة تنبت مرة أخري، فيأتي الرد الفلسطيني في كل مرة أقوى وأعنف، رغم الدعم الأمريكي لدولة للكيان، فالضربة التي أخذتها إسرائيل تُدرس تحت عنوان “كيف تقهر جيش من الجيوش الكبرى” يتعلم من ما فعلته حماس في إسرائيل، فجيش إسرائيل يمتلك من القدرات مالم يمتلكه جيش أخر في المنطقة لكن رغم هذا ومع مساندة أمريكا له ما أستطاع أن يكمل الحرب.

ما حجم المساعدات الأمريكية لإسرائيل في هذه الحرب؟

الجسر الأمريكي مستمر في العمل من أجل مساعدة ومساندة إسرائيل حتي الآن، بكل ما لديه من وفكر وتكنولوجيا وغيرها من قدرات، ومع ذلك لم يتغلبوا على المقاومة. فنحن في مرحلة صبر و النصر يأتي مع الصبر.

بعد انتهاء طوفان الأقصى، وعندما تخرج المقاومة من الأنفاق سوف يحكون لنا عن أشياء يشيب لها شعر الوليد كما يقال، وتدل علي قدرة وتأييد الله لهم في هذه الظروف وأنا واثق من هذا تماماً! فهناك تأييد من الله لهم بشكل غير مسبوق.

فلابد من الصبر وسوف تتساقط كل قوي الظلم والغش كما تتساقط أوراق الشجر في الخريف.

هل هناك احتمال أن تشتبك دول أخري مجاورة مع دولة الكيان ؟

من الدول المجاورة لا أعتقد، فلا يوجد سوى إيران وأمريكا لن تمس إيران بسوء ولن تتعرض لها، لأنها البعبع الذي تخيف به دول الخليج، ليتوددوا إليها ويشتروا منها السلاح! فإيران هي دولة “الاحتياج المزدوج”، كما إن إسرائيل طَبعت مع معظم دول الخليج وأصبحوا حالياً سمن على عسل، ولهذا عندما ضرب صدام حسين إيران أمريكا كانت حريصة على عودة توازن الوضع سريعاً، فأعاقت قدرة صدام على ضرب إيران والانتصار عليها وتخويفها، حتى تستطيع تخويف دول الخليج من إيران.

لماذا لم تتدخل إيران حتي الآن؟

لأنها مستفيدة جداً من هذا الوضع الذي يخدم هدفها في السيطرة على عدد من العواصم العربية، مثل (بيروت- دمشق- بغداد- -صنعاء) وحاليا تسيطر أيضاً على المقاومة الفلسطينية حيث تمدها بالسلاح، فإيران تهدف إلى السيطرة لذلك تمنح الأموال، حتى تتفرغ للنمو الازدهار وتعمل بعيد عن المخاطر رغم إنها هي الأم التي تمول كل ذلك، فهي لا تريد أن تظهر أمام أمريكا كقوة عظمي حتي لا تُدمر، فلا أمريكا تريد أن تدمرها ولا هي تريد أن تستفز امريكا(المنفعة متبادلة) والثمن هو البلاد العربية و ثرواتها.

أمريكا حالياً تضحك على العرب وتخيفهم من إسرائيل، والمتصالح منهم مع اسرائيل تخيفه من ايران، فأمريكا تعلم قدرات ايران على وجه الدقة.

هل يوجد لدى إيران أوراق تضغط بها علي أمريكا في المقابل؟

بالطبع فاذا نشب خلاف بين إيران وامريكا، فبمنتهى البساطة ايران تستطيع أن تضرب كل الاهداف الامريكية الموجودة في حضنها والمقصود بها القواعد الامريكية التي تقع على مرمي حجر منها، فلنتخيل إذا قتلت إيران ما يقرب من الالفين او الثلاثة الاف جندي امريكي من الموجودين في هذه القواعد، فهل سيستطيع “بايدن” او من سيخلفه ان يستمر في الحكم؟ انما إذا ضربت امريكا ايران لن تكون الأضرار جسيمة! فعندما هددت إسرائيل بضرب إيران اعلنت طهران قدرتها على تحمل خسائر بشرية حتي ثلاثة مليون نسمة فكم نسمة تستطيع إسرائيل أن تتحمل كخسائر؟

فهذا هو ما يسمى بالردع، فليس الردع هو القدرة فقط على الضرب وانما الردع هو ايضاً القدرة على تحمل الخسائر، فمثلاً عملية طوفان الأقصى افقدت إسرائيل توازنها، فما بالك عندما تواجه جيوش كبري فماذا ستفعل؟

كيف تقيم العلاقة الاسرائيلية الأمريكية ماهي المصالح المتبادلة؟

هناك العديد من المصالح المتبادلة بينهم، ولكن أمريكا حريصة على إن تظل إسرائيل كما هي حتي يستمر اعتمادها عليها واحتياجها لأمريكا كما هو، على الجانب الآخر أمريكا تحتاج من إسرائيل ان تظل الوكيل المؤتمن لها في المنطقة، ولن تكون وكيل مؤتمن إلا إذا كانت مكروهة من كل المحيطين بها فلا تجد لها صدر حنون غير أمريكا، لكن إذا حسنت إسرائيل علاقتها بالمحيطين بها وأصبح لديها علاقات تطبيع مع الدول المجاورة لها وذابت بينهم، فسوف تنسي أمريكا ولن تحتاج إليها، ولكن طالما تستنجد إسرائيل دائماً بأمريكا ستظل الوكيل المؤتمن، وستظل أمريكا سعيدة، فما تفعله إسرائيل يزيد من كراهية العرب لها، وهذا ما تريده أمريكا وبذلك تكون أمريكا نجحت فيما تريد، لذلك تترك إسرائيل تقتل وتذبح وتبيد في الشعب الفلسطيني لتظل مكروهة، ولا تستطيع أن تعيش سوي بنقل الدم الأمريكي.

وفي نهاية الحوار أشار اللواء نصر سالم إلى أن خطة “برنارد لويس” لتقسيم الوطن العربي شغالة على قدم وساق وفي كل الاتجاهات بدءا من العراق وسوريا واليمن والسودان وليبيا، ما عدا مصر هي الدولة الوحيدة المستعصية، لذلك لجأوا إلى استراتيجية شد الأطراف لإضعاف (مصر)، فهناك شد من جهة سيناء وشد من جهة السودان وليبيا، لذلك نحن نلملم قدراتنا الداخلية وامريكا مستمرة في مخطط “برنارد لويس” بالمسطرة حول تقسيم الوطن العربي وشغالين ونحن كعرب ماشاء الله نتجرد من هويتنا وربنا يستر

زر الذهاب إلى الأعلى