

لواء دكتور/ سمير فرج
بدأ فكر الحروب في العلم العسكري حالياً يطرح أساليب جديدة في الحروب، حينما يعرض أن بداية الحروب في التاريخ كانت هي حروب الجيل الأول التي أستخدم فيها السيف والرمح والعجلات الحربية، وهي حروب الفراعنة التي تم رسمها على جدران المعابد الفرعونية، وأعتقد أنه شرف للمصريين أن يكون الجيش المصري هو أقدم جيوش العالم،
ثم أوضح تاريخ الحروب في العالم أن حروب الجيل الثاني كانت فور اختراع الصينيين البارود لاستخدامه في الاحتفالات الصينية. وتم تطويع البارود ليكون إستخدامه في المدافع و البنادق، وظهر ذلك في الحروب في وقت نابليون بونابرت. وبعدها جاءت حروب الجيل الثالث في الحرب العالمية الأولى، عندما ظهر إستخدام الطائرة والدبابة والصواريخ و الغواصات، مع إنتهاء الحرب العالمية الثانية جاء استخدام معدات و أدوات حروب الجيل الثالث بعدها.
ظهر ما يعرف بالحرب بالوكالة وجاءت فكرة هذه الحرب بعد حرب فيتنام التي خسرت فيها أمريكا 59ألف جندي وبعد أن خرجت أمريكا من مستنقع حرب فيتنام قررت ألا تدخل حروب مرة أخرى بجيوشها وشبابها، ولكن تستخدم في أي حرب قادمة قوات من الخارج، و فجأة ظهرت مشكلة افغانستان حيث كان يحكمها الملك ظهرشاه و قامت ضدة ثوره من قبائل طالبان وجاءت حركة طالبان ذات الميول الشيوعية ألى الحكم ، حيث عقدت إتفاق مع الإتحاد السوفيتي، وفجأة وجدت أمريكا و دول الغرب وجود القوات الروسية في داخل أفغانستان، وأصبحت قريبه من مناطق النفط في الخليج العربي، لذلك جاء قرار الولايات المتحدة ودول الغرب بطرد الجيش الروسي من أفغانستان، وبالطبع دون إستخدام جندي أمريكي،
لذلك بدأت أمريكا تستخدم أسلوب الحرب بالوكالة حيث قامت بتدعيم المجاهدين في أفغانستان بالهجوم على قوات الجيش الروسي في أفغانستان على أساس الدعوة أنهم روس ملحدين. وبالفعل بدأ المجاهدين في أفغانستان في التصدي للقوات السوفيتية بعد أن دعمت أمريكا قوات المجاهدين بالأسلحة والذخيرة والأموال، حتى أن بن لادن استلم من أمريكا وحدة بخمسه مليارات من الدولار لاستخدامها ضد القوات الروسية التي إستمرت هناك عشر سنوات من 1979 حتى عام 1989
و بعد انسحاب السوفيت من أفغانستان بدأ تحول بن لادن لكي يهاجم أمريكا حيث أعتبرها الشيطان الأعظم في العالم و أن الخلاص منها يريح العالم من شرورها و بدأ تنفيذ عمليات إرهابية ضدها
حيث تم تفجير سفارتين فى الولايات المتحدة في تلك الفترة وفي نيروبي و تنزانيا، وبعدها نفذ بن لادن تنظيم القاعدة ونفذ هجمات 11 سبتمبر2001م، حين قامت أربع طائرات بتفجير برجي مركز التجارة في نيويورك وتفجير مبني وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون في واشنطن العاصمة، وبعدها قررت أمريكا القضاء على بن لادن حتى قامت باغتيالة في 2 مايو2011م في قرية صغيرة على الحدود بين باكستان وأفغانستان في عملية خاطفة وتم قتله و حرق جثته ورميها في المحيط.
وبعد تنظيم القاعدة ظهر تنظيم داعش بقيادة أبو مسعد الزرقاوي، الذي أنشأه وذهب إلى العراق وسوريا، وبدأ في تكوين التنظيم في العراق وسوريا حتى تم تصفيته من أمريكا وفجأة ظهر في الفكر الاستيراتيجي العسكري العالمي فكر حروب الجيل الرابع والخامس حيث جاءت كلية الدفاع لحلف الناتو في بروكسيل، في مقدماتها عن محاضرة حروب الجيل الرابع والخامس…..
“عندما نشبت حرب الخامس من يونيو 1967 بين مصر واسرائيل (حرب الأيام الستة) حققت إسرائيل نصراً كبيراً على الجيش المصري وتم تدمير حوالي ٨٠ ٪ من أسلحة وعتاد الجيش المصري ولكن هل بعد هزيمة الجيش سقطت الدولة المصرية؟ كانت الإجابة لا لأن الشعب المصري خرج وأعاد الرئيس المصري عبد الناصر إلى الحكم بعد أن قدم إستقالته، كما دعم الشعب المصري الجيش وسانده.”
ومن هنا أصبح الفكر الجديد في الحروب الحديثة أن إسقاط الدولة ليس ضرورياً بالمدفع والدبابة والطائرة بل بهزيمة الشعب من خلال التأثير على فكره بهذه الحرب الجديدة ليفقد الثقة بحكومته وإدارته وجيشه.
هذه هي حروب الجيل الرابع وعندما تستخدم التكنولوجيا الحديثة لتنفيذ خطة هزيمة الشعب تصبح حروب الجيل الخامس.
و هكذا أصبحت فكرة هذه الحروب أن الحرب التقليدية الحالية هدفها إسقاط النظام للدولة المعادية، من خلال إنهيار مفاصل الدولة من خلال تدمير قواتها العسكرية والسياسية والإقتصادية…(قوة الدولة الشاملة) بهدف فرض الإرادة السياسية عليها، ولكن جاءت حروب الجيل الرابع والخامس بهدف إسقاط نظام الدولة، ليس بالقوة، ولكن بتفكيك مفاصل الدولة من الداخل عن طريق التأثير علي فكر الشعب دون استخدام القوة العسكرية، حيث تحقق استخدام حروب الجيل الرابع والخامس هدف هذه الحرب التقليدية بدون خسائر بشرية، بأقل تكلفة من الحروب التقليدية، حيث يصل تكلفه الصاروخ حاليا 2مليون دولار، والطائرة المتقدمة F16 90 مليون دولار، كما تحقق حروب الجيل الرابع والخامس عدم تورط الدول أمام المجتمع الدولي، وأبسط مثال على ذلك تورط روسيا الآن في حربها ضد أوكرانيا، بأنها التي بدأت هذه الحرب، وأخيراً حرب الجيل الرابع والخامس، تحقق تفكيك مفاصل الدولة بكاملها، الجيش والشرطة والقضاء ومن هنا جاء فكر أن اساليب تحقيق حروب الجيل الرابع والخامس من خلال الإرهاب، وشن الحرب النفسية، والشائعات ونشر المخدرات، ونشر الفوضى الإدارية بالدولة، ونشر الفساد، واستغلال الظروف العرقية والقبلية والدينية بين القوميات داخل الدولة، وأخيراً نشر افكارهذه الحروب، من خلال الإعلام بأنواعه الأربعة (المرئي والمسموع والمقروء خاصته الإعلام الإلكتروني) الذي هو سمة هذا العصر من السوشيال ميديا التى تحرك كل عناصر الشعب وخاصه الشباب وأخيراً تجئ أهم عنصر من عناصر هذه الحرب، وهو الكتائب الإلكترونية، وهي القوة الضاربة لهذه الحرب التي سوف نتناولها بالتفصيل في المقال القادم في الأسبوع القادم.