

بقلم: محمد عبد الغفار
الرجوع إلي الحق فضيلة ..
انتهت الزوبعة الفضائية التي أثارتها إحدى القنوات الفضائية الخاصة حول مشاكل طلاب الدراسات العليا خاصة طلاب كليه الطب بجامعة إقليمية . تحدث فيها النائب المحترم سليمان وهدان وتبني قضيتهم أمام البرلمان . وتحركت أجهزة الدولة المسئولة بعد أن أصبحت قضية رأي عام في ظل أزمة الدولار الخانقة والأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد وتناساها المسئول الجامعي أو لم تكن في حسابانه .
بل إن المسئول الجامعي نفي تماما حكاية الدولارات التي كان مقررا أن يدفعها طلاب الدراسات العليا وكانت من أسباب إثارة حفيظة هؤلاء الطلاب في كليات الجامعة . بل ذهب هذا المسئول إلي اجتماع لمجلس كلية الطب لينفي تماما حكاية الدولارات . وتحدث عن حكاية الأساتذة الأجانب الذين سيحضرون للاشتراك وأنها ستكون اختيارية لمناقشة وفحص رسائل الدكتوراه والماجستير .
ذكرنا في المقال الماضي الذي أثار هذين الموضوعين الأمر قد يكون بحسن نية ثانيا إن هذه الفكرة قديمة . ويحضرني هنا سابقة برلمانية هامة من السوابق البرلمانية التي يمكن للبرلمان الرجوع إليها . في إحدى جلسات مجلس النواب سنه 1950وجه نائب دائره بولاق الدكتور محمد عبد الشافي سؤالا الي وزير المعارف في حكومة الوفد الدكتور طه حسين أن كليه الطب بجامعة الإسكندرية قامت باستقدام أساتذة طب أجانب في امتحانات الشفوي لطلاب البكالوريوس , وصرح أحدهم أن مستوي المناقشات العلمية هذا العام للطلاب كان أقل مستوي من العام الذي قبله . قامت الدنيا في البرلمان ولم تقعد ووقف الدكتور طه حسين وزير المعارف ليؤكد أن مستوى أساتذة الطب المصريين ومستوي كليات الطب في الجامعات المصرية يفوق بعض جامعات أمريكا وأوروبا .
وانتهي بذلك حضور الأساتذة الأجانب المناقشات وحاول البعض إحياء الفكرة القديمة وربما لم يكن يعرفها . فإذا كان لابد من حضور أستاذ أجنبي كبير في تخصصه ومن جامعة أمريكية أو أوروبية فلابد من أن يكون من أصحاب المستوي المتقدم , مثلا من أفضل مائة جامعه مشهورة في تخصصها , فهذا سيرفع بلا شك من مستوى المناقشات العلمية المتخصصة وسيفيد المناقشين والطلاب المصريين , ولكن هل هؤلاء الأساتذة الأجانب سيأتون ببلاش ؟ أو بالعملة المصرية ؟ أم بالدولار ؟ وهل تم عرض هذا الأمر علي المجالس العلمية وهي مجالس الأقسام ومجالس الكليات ؟ أم هو قرار فردي لمسئول جامعي ؟ .
لابد وحتما من معايير محددة تضعها اللجنة المشكلة التي تشمل في عضويتها ويشارك في أعمالها الأساتذة الكبار في كليات الطب والعلوم والصيدلة والزراعة والهندسة لبحث الموضوع الخاص باستقدام الأساتذة الأجانب لحضور هذه المناقشات العلمية حتي لا يأتي من ينصب علينا وأن يكون أستاذا بالفعل وليس أستاذا مساعدا أي أنه عالم كبير وليس سائحا فقط يقضي يومين علي حساب – صاحب المخل – وأن يكون حضوره من خلال اتفاقيات وبروتوكلات رسمية مع الجامعات الأجنبية الكبري ومن خلال لوائح واضحة , خاصة مكافأة فحص الرسالة ومناقشاتها وتوضيح ما إذا كانت الجامعة ستتحمل قيمة تذاكر السفر ذهابا وعودة وهل سيتقاضي بدل سفر وأيضا مصروفات الإقامة وأن يعامل الأساتذة المصريون المشاركون في المناقشة نفس المعاملة الفكرة جيدة لرفع قيمة الرسائل العلمية التي تمنحها الجامعات المصرية وترفع من مستوي الرسائل العلمية في الجامعات الإقليمية , بشرط هام جدا أن تكون لأجل الله والوطن , لا من أجل الشو الاعلامي والمصلحة الشخصية ولفت الأنظار للتغييرات المرتقبة القادمة !!
لا أحد يمانع إطلاقا في رفع مستوي هذه الجامعات بل علي العكس تماما وخاصة أن بعض الرسائل في بعض هذه الجامعات لا تساوي قيمة الحبر المكتوبة به خاصة في الكليات النظرية في بعض الجامعات الإقليمية . وبعد أن انتهت فكرة دفع الطالب للدولارات وتم نفيها أسعدني الأمر جدا , وعلي اللجنة التي ستختص بوضع هذه اللوائح ألا تتعارض مع قانون تنظيم الجامعات حتي لا تعتبر دستوريا باطلة . وأن تراعي المبدأ الدستوري والقانوني بعدم رجعية القانون , وهذا يعني أن هذه اللوائح لن تطبق قانونا طبقا لهذا المبدأ إلا علي الطلاب الجدد في الماجستير أو الدكتوراه الذين سيتقدمون للتسجيل بدء من هذا العام ولا تطبق على الطلاب الحاليين .
أقترح علي وزير التعليم العالي رئيس المجلس الأعلى للجامعات إنشاء صندوق بكل جامعة تساهم فيه البنوك ورجال الأعمال والدولة والجامعات خاصة أن الجامعة تحصل من أبنائها العاملين في الخارج مبالغ بالدولارمقابل تجديد إعارتهم سنويا ومن مصاريف الطلاب الوافديين بالدولار , وهذه المبالغ يمكن أن تكون حصيلة هذا الصندوق , والمفروض أن تذهب هذه الحصيلة بالعملة الصعبة لتنفيذ هذه الفكرة , وليس الأخذ من الطلاب الغلابة .
إن الدولة مهتمة برفع المستوي العلمي لأبنائها الذين يريدون مواصلة البحث العلمي سواءا الماجستير والدكتوراه وهو إنفاق استثماري هام ومردوده علي مستقبل مصر كبير . لكن من المهم وضع معايير محددة واضحة وتفعيلها بصدق وأمانة بلا مصالح شخصية أو مجاملات , فلاشك أن الفكرة يجب تشجيعها والجامعات المصرية الوطنية ليست أقل من اتحاد الكرة أو الأندية التي تستقدم المدربين الأجانب أو اللاعبين المحترفين بالدولار