

يكتبها
عبد المجيد حسن خليل
روائي نوبي
بلاد النوبة القديمة بيئة ساحرة ينبض كل ما فيها بالجمال والسحر .. هدير ماء النيل وهمس النسيم وغابات النخيل في ضوء القمر ورقة وجمال الفتيات النوبيات وحسن أخلاقهن كل هذه المعطيات لم تجعل لكلمة الحب دلالة واقعية .. البوح بالحب في المجتمع النوبي” جرسة ” كبيرة طبقاً للتقاليد والنظام الاجتماعي السائد.
إذا تمكن الحب من أي شاب أو شابة نحو شخص ما فلا يمكن ومن المستحيل ان تخرج مشاعر الحب خارج نفس المحب ولايمكن التعبير عن الحب بأي وسيلة كانت ، التقدم للزواج هو الوسيلة الوحيدة للظفر بمن تحب ، والقبلية تسود المجتمع النوبي القديم فزواج بنت العم ألتزام اخلاقي عند الشاب وكذلك الفتاة تعلم أن أبن عمها هو رجلها في المستقبل ، والمعتقد عند الشاب ان بنت لحمي وأنا أولى بها، فالمصير معروف لكل من الفتي والفتاة ، إما بنت العم وإن لم يكن هناك بنت عم فالتالية في درجة القرابة .
وقد يقال ما دام ابن العم لبنت عمه وهذا أمر محتوم عائلياً وقبلياً فماذا يضير لو بثها غرامه؟ هذا ممنوع وغير مقبول في المجتمع النوبي وإن حدث فالشاب يكون قد جلب لنفسه التعاسة، فالفتاة النوبية قديماً لاتقبل ان يصارحها أحد بحبه وإن حدث فإنها تتوارى عنه ولن يراها بعد ذلك وقد تبوح لأمها أنها لاتريده زوجاً لها ، علي الشاب ان يكون كتوماً ولايكشف عن مشاعره حتي لبنت عمه زوجة المستقبل ، وإذا لم يكن للشاب بنت عم أو اي فتاة أخري تليها في درجة القرابة يتقدم لفتاة أخري ولايحصل علي الموافقة من أهلها إلا اذا وافق ابن عمها اولاً .
ومن الغريب ان كل الأغاني النوبية القديمة تتحدث عن الغزل والغرام ويرددها الجميع رجال ونساء ويتسابقون في الرقص والتمايل مع معانيها وهذا تناقض بين الواقع في الحياه وبين حبهم للأغانى التي تتحدث عن الحب والغرام .
أما بعد الزواج فحدث ولاحرج يتبادل الشاب والشابه كل معاني وعبارات الحب والغرام وكأنه مخزون تراكم خرج بعد كبت طويل أحتراماً للتقاليد الاجتماعية . وعن الأحوال الآن فالشاب النوبي يتزوج ممن يشاء وصل الامر للزواج من غير النوبيات والفتاة النوبية الآن قد تتزوج من خارج النوبة بعد أن كان هذا امراً من المستحيلات .