

بقلم: محمد عبد الغفار
فقدت حافظة نقودي وبها بطاقتي الشخصية بطاقة نقابة الصحفيين وحررت بقسم الشرطة محضراً واضطررت أن احمل جواز سفري بديلاً حتي ميعاد إستلامى للبطاقة الشخصية الجديدة، وذهبت في اليوم التالي الي الجريدة مبكراً فال لي الساعي : ان الأستاذ كمال عبد الرؤوف مدير التحرير يسأل عنك ضروري ذهبت الي مكتب مدير التحرير لأعرف ماذا يريد خاصة انه يحبني كثيراً ودخلت عليه وبادرني : انت: معك جواز قلت له نعم احمله وحكيت له اسباب اني احمله فضحك وقال لي: الأستاذ إبراهيم سعده رئيس التحرير اختارك للسفر الي العراق وحاولت الاتصال بك أمس لإخبارك والتليفون لايرد قلت ومتي السفر قال لي مساء اليوم اذهب الي الخزنه واستلم الدولارات بدل السفر
والمطلوب تقرير من بغداد عن الحرب العراقية – الإيرانية


كانت المعارك مشتعلة بين العراق وايران علي شط العرب والعلاقات العراقية المصرية مقطوعة تماما بل وتتزعم العراق حملات ضد مصر بسبب معاهدة كامب ديفيد قال لي: لقد رتبنا لك الأمر معهم
قلت له كيف والعلاقات الدبلوماسية مقطوعة ؟ رد علي انت مسافر بغداد بناءاً علي دعوه رسمية من الحكومة العراقية للجريدة واختارك الاستاذ ابراهيم سعد للسفر اليوم اذهب الان واستلم بدل السفر من خزينة الجريدة وتكون بمطار القاهرة قبل ميعاد الطائرة بساعتين بسيارة الجريدة كان ميعاد الاقلاع الساعة السابعة مساءا وصعدت الي طائرة الخطوط الجوية العراقية ووصلت الطائرة مطار بغداد الساعة التاسعة مساءا كان المطار شبة مظلم بسبب الحرب كان بانتظاري مندوب وزارة الإعلام العراقية الذي إستلم مني جواز السفر لإنهاء اجراءات الدخول والخروج من المطار في خلال دقائق ركبنا سيارة تنتظرنا ومعي المندوب العراقي واتجهنا الي واحد من افخم الفنادق في بغداد وانهي لي مندوب وزارة الإعلام إجراءات الفندق وشكرته وأتجهت الي حجرتي ومن شده التعب بدأت في النوم فوراً واستيقظت
مبكراً واتجهت الي مطعم الفندق لتناول الإفطار وهنا كانت المفاجأة وجدت أمامي صديق لي كان زميلي في مدرسة طنطا الثانوية كان شابا رائعا كان ضابطاً طيارا بالقوات الجوية ومن أبطال حرب أكتوبر المجيدة اخذني بالاحضان وسألني لماذا جئت الي بغداد اجبته من اجل الحرب العراقيه –الإيرانية الدائرة الان وسألته وانت ماذا اتي بك الي هنا وخرجنا الي خارج الفندق فكل شيء مراقب قال لي:نحن هنا لتدريب الطيارين العراقيين والعراق استعان بقيادات من القوات المسلحة المصرية للاستفادة من خبراتهم في حرب ونصر أكتوبر بعد ان تقدمت القوات الإيرانية في منطقة الأهواز واخترقت الدفاعات العراقية ونحن هنا لتدريب العراقيين وإدارة العمليات ولكن لا نشترك في العمليات الحربية
وتركني وغادر الفندق بسرعة تناولت افطاري وجلست في بهو الفندق وحضر الي مندوب وزارة الإعلام المرافق لي وبعد التحيات والسلامات قال لي أرجو ان تترك الأقلام والأوراق وجهاز التسجيل في حجرتك الآن قلت له إلي أين سنذهب قال لي في صرامة بعد دقائق ستعرف ذهبت الي غرفتي تنفيذاً لتعليماته وتركت جهاز التسجيل الصغير والاقلام والاوراق وكل شيء معدني من مفاتيح وخلافة ونزلت اليه مسرعاً في بهو الفندق جاء ضابطاً وضابط آخر يرتدي الملابس المدنية واصطحبوني الي سيارة فاخرة وقبل أن أصعد اليها قام الضابط الذي يرتدي الملابس المدنيه بتفتيشي ذاتياً سألت نفسي لماذا كل هذا تفتيش ذاتي الي أين سنذهب والحقيقة إنهما كانا في منتهي الذوق واعتذروا لي وقالوا نحن في ظروف حرب ركبنا السيارة كنت جالسا في المقعد الخلفي وبجواري ضابطاً من الإستخبارات وامامي بجوار السائق ضابطاً بملابسة العسكرية والسيارة تنطلق بسرعه وطبعا لم أنبث ببنت شفه والقلق ينتابني ويبدو ان ضابط الإستخبارات شعر بقلقي فأخذ يرحب بي ثم قال لي: نحن ذاهبون الي القصر الجمهوري حضرتك ستقابل القائد المهيب الركن صدام حسين أنفرجت أساريري حتي وصلنا القصر الجمهوري ونزلت وبدا التفتيش الذاتي مره أخري وقلت للضابط الذي يقوم بتفتيشي ذاتياً ليس معي أوراق ولا أقلام فكيف اذن اؤدي واجبي قال لي : مبتسماً ستجد كل ما تريد
قادني مسئول من القصر الرئاسي الي القاعة التي سالتقي فيها بالرئيس صدام حسين وجلست في الصالون وبعده بدقائق وصل الرئيس صدام حسين وهو يرتدي افرول عسكري لونه زيتي وعلي كتفه رتبة المشير الرجل كان يمشي بثقة مختالا فخورا كانت التعليمات واضحة المصافحة باليد فقط ولا تتقدم خطوة ولا واحده ولا قبلات ولا معانقة وكان يحيط به الحرس الخاص وصافحني الرئيس صدام وتحدث عن حبه الشديد للمصريين الذين عاش بينهم في القاهرة وقتها كان لاجيء سياسي وطالب في كليه الحقوق جامعة القاهرة وكان يعيش في حي الدقي وتزوج من زوجتة العراقية السيدة ساجده وكان الفرح في الإسكندرية سألته وهو واقف :متي ستعود العلاقات المصرية – العراقية كان رده مقتضبا :ان شاء الله كنت احاول اقتناص انفرادا صحفياً متي ستزور القاهرة سيادة الرئيس اجاب باقتضاب بصوته الرجولي الاجش:ان شاء الله يكون ثم قال انت في وطنك العراق ومرحبا بك وبالمصريين
ثم دخل الي القاعة وفد مصري اخر كان في مقدمتهم صديقي واخي الدكتور محمد عبد اللاه رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري ورئيس جامعة الإسكندرية و خالد محيي الدين رئيس حزب التجمع المصري وعضو البرلمان وجلس الرئيس صدام في صدر الصالون وعلي يمينه خالد محيي الدين وعلي يساره الدكتور محمد عبد اللاه ورحب بهما
وأخذ يشرح لماذا الحرب بين العراق وايران؟ إن العراق هو البوابة الشرقية للأمة العربية في مواجهة (الفرس) كما يطلق علي إيران في مواجهة حكم الملالي الفرس وأنه لن يسمح ابدا بسب الصحابه خاصة ابو بكر وعمر رضي الله عنهما وانتهت الجلسة مع الوفد السياسي المصري لنغادر المكان الي الفندق وكان الوفد المصري في نفس الفندق فشعرت بالراحة والأمان
دائما في سفرياتي الصحفية كنت أتجول مع الصديق العزيز دكتور محمد عبد اللاه بعد ان وصلنا الي الفندق جلست انا والدكتور كان يسألني عن مارأيته في الرئيس صدام فأشرت إليه بإصبعي السبابة الي شفتي بما يعني لا كلام الآن خرجنا سويا في المساء وفي الشارع سألني لماذا لم تجب علي السؤال قلت له نحن مراقبين تماما صوت وصورة في الغرف وردهات الفندق والبهو نحن لسنا في باريس او روما أو لندن لكن الآن في الشارع جيبك الرئيس صدام عنده جنون العظمة ويظن أنه يستطيع أن يحل مكان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وتورط في الحرب مع إيران ومعلوماتي التي حصلت عليها بالصدفة أن إيران اخترقت منطقة الأهواز في جبهة الحرب ويستعين الآن بخبرات مصر العسكرية في حرب أكتوبر العظيم 73 وتدريب قواته وإدارة العمليات الحربية دون الإشتراك فيها ودون إعلان
سألته ونحن نتجول متي ستعودون للقاهرة أجاب غداً صباحاً ومتي ستعود قلت له لا أعرف حتي أنتهي من مهمتي الصحفية واستكملنا جولتنا وكنت أقول له في كل مكان صور وتماثيل القائد المهيب الركن وقد تفتح الثلاجة فتجد القائد المهيب يخرج لك وقد تفتح صنبور المياه فتري صور صدام حسين أحذر يادكتور ولاتنطق إسم صدام إلا ويسبقة القائد المهيب الركن حتي تصل للقاهرة وسافر الوفد المصري في اليوم التالي وذهبت مع المرافق العسكري لزيارة معسكر الاسري الإيرانيين ولما عرفوا إنني صحفي مصري اخذوا يهتفون بحياة الامام الخوميني وانتهت الزيارة للاسري الايرانيون 15 يوم مضت كانت الزيارة التقيت ببعض القيادات العراقية وكان الجميع يرتدون نفس الأوفرول العسكري الزيتي اللون بدون رتب ولاحديث إلا عن انجازات القائد المهيب الركن صدام حسين وبطولاته كانت فرصة للقراءة عن العراق ذلك القطر العربي الغني بالبترول والغاز وعن نهرين كبيرين دجلة والفرات وملايين الاراضي الزراعية واستقدم لها صدام حسين ملايين الفلاحين المصريين لزراعتها خاصة أن الفلاحين العراقيين مجندين في الحرب العراقية الايرانية ثروة العراق الكبيرة تبددها حرب لامعني لها ولاهدف الإبتزاز وضياع الثروات الإسلامية كما خططت لها أمريكا وإسرائيل كنت اتساءل دولتين كبيرتان في الشرق الاوسط دينهم واحد ورسولهم واحد وكتابهم واحد وقبلتهم واحده كنت أريد أن أعرف بعيداً عن مهمتي ما الفرق بين الشيعة الإيرانية والشيعة العراقية كنت أريد ان أعرف فقط … الشيعة الإيرانية يقولون إنهم مسلمون تجري في عروقهم الدماء الملكية الزرقاء من أجدادهم ملوك فارس ودماء البيت النبوي عندما تزوج الامام علي زين العابدين إبن الإمام الحسين إبن علي إبن أبي طالب حفيد رسول الله علية الصلاة والسلام من إبنة كسري يزدجر إمبراطور فارس عندما فتح المسلمون في عهد عمر بن الخطاب فهم يجمعون بين الدماء النبوية الطاهرة والدماء الملكية فهم الجديرون بحمل راية الاسلام و قيادة المسلمين اما الشيعة العراقية فيمثلون 60% من الشعب العراقية ويمثلون الأغلبية والجميع سواء الشيعة العراقية الإيرانية يتخذون من المذهب الجعفري الإثني عشر وهو أحد المذاهب الإسلامية حزب البعث برئاسة صدام حسين وأيضاً أربعة أحزاب صورية لا قيمة لها أحزاب علي الورق كانت حالة العراق لا أحد يتكلم من الشعب سرا أو علنا مصيره السجن او القتل لا رأي إلا رأي القائد المهيب الركن ولا أحد يعرف إلا القائد المهيب الركن أنه القائد الملهم الوحيد الذي يفهم في كل شيء أيقنت في هذا البلد الغني إنه في الطريق الي الضياع وسيتآمر عليه الجميع من اجل تفتيته …انتهت مهمتي الصحفية لأعود الي القاهرة ومعي التقارير الصحفية المطلوبة في انتظار النشر