حكايات

من شرفة الصحافة

 

بقلم: محمد عبد الغفار

 

مقالات ذات صلة
جلال السيد

شرفة الصحافة بمجلس النواب لها تاريخ . كان من أوائل المحررين البرلمانيين الدكتور محمود عزمي باشا . كان صحفياً كبير القامة وأول صحفي برلماني عاش الحياة البرلمانية منذ أن كان البرلمان المصري يطلق عليه الجمعية التشريعية في العشر سنوات الأولي من القرن العشرين . وكان أول صحفي يثير أزمة صحفية مع البرلمان والحكومة من أجل حرية الصحافة . وهو المؤسس الحقيقي للصحافة البرلمانية في البرلمان المصري . كانت هذه الأزمة الكبيرة هي التي أعطت الزخم لشرفة الصحافة وأعطتها الأهمية الكبرى . شهدت شرفة الصحافة كثيرا من أهم رجال الصحافة المصرية في تاريخها الحديث ممن أعطوا للمحرر البرلماني أهميته .كان رائد الصحافة المصرية الحديثة مصطفي أمين محرراً برلمانياً , والصحفي كبير القلم والمقام موسي صبري محرراً برلمانياً . من هنا كان إهتمام الصحف بأخبار البرلمان وقصصه وأسراره وما يحدث فيه محل اهتمام المجتمع المصري قيادة وشعباً وحكومة .وكلما زادت حرية الصحافة وقوة نواب البرلمان في طرح مشاكل المجتمع السياسية والإقتصادية والاجتماعية زادت قوة البلاد ودليلاً علي قوه النظام . وشرفة الصحافة والمحررون البرلمانيون الباحثون عن الحقيقة يصنعون مع الصحف وأجهزة الإعلام الوعي في المجتمع . 

كان رئيس تحرير أخبار اليوم الأستاذ إبراهيم سعدة اختارني لكي أكون محرراً برلمانياً بعد أن كنت محرراً اقتصادياً. كان الرجل بحكم ثقافته الأوروبية يري أهمية لجان المجلس البرلمانية مثل لجان الخطة والموازنة واللجنة الإقتصادية والزراعة والصناعة , فاختارني أن أكون ممثلا لأخبار اليوم .كان المجلسان البرلماني أن أشبه بالمتاهة , من الصعب جدا أن تفهم الوضع هناك , وكانت دعوات الوالدين معي عندما التقيت بأخي الكبير وأحد قيادات أخبار اليوم الأستاذ الكبير جلال السيد المحرر البرلماني الكبير ونائب رئيس تحرير الأخبار الإصدار اليومي المعروف لمؤسسة أخبار اليوم . الرجل المحترم بحكم خبرته الكبيرة في العمل البرلماني هو عمدة شرفة الصحافة التي تضم الكبار الأساتذة سامي متولي مدير تحرير الأهرام وصلاح عبد الغفار نائب رئيس تحرير الجمهورية ومعه محمد المختار والأستاذ المحترم فاروق أباظة من مجلة المصور العريقة .

وجدت نفسي بين هؤلاء الكبار , استقبلني الأستاذ جلال السيد بكل الحب كان هذا الرجل للحقيقة يحب الشباب ويساعدهم كان مكتب الأستاذ جلال في الدور الثامن في مبني أخبار اليوم وكانت أخبار بمحرريها في الدور التاسع وكنت دائما أنزل أجلس معه في مكتبه لأخذ رأيه الرجل بكل حب علمني أسرار المتاهة وكيف أتعامل مع أسرار وكواليس اللجان , ونصحني بالالتحاق بدورة المحررين البرلمانيين وكانت أول مره تحت إشراف رئيس مجلس الشعب شخصيا وكان يحاضر فيها تلقينا محاضرات في القانون الدستوري وقانون مجلس الشعب ولوائح المجلس . وكان كبار الصحفيين البرلمانيين يعطونا محاضرات في كتابة التقارير البرلمانية وكتابة الجلسات . اكتشفت أن البرلمان عالم آخر زاخر بالأخبار والقصص الصحفية . علمني الأستاذ جلال بحب هذا كله بل إن السيدة المحترمة زوجته الأستاذة جليلة وكيل أول الوزارة بالمجلس , كانت أمينة لجنة الشئون الإقتصادية قد أوصاها بي خيرا فكانت تزودني بالتقارير الاقتصادية الخاصة باللجنة .

أتذكر أن الاستاذ جلال السيد أقام الدنيا وأقعدها عندما تعرضت للاغتيال من أحد النواب الذي اكتشفت أنه يحمل شهادة معاملة أطفال من أحد المستشفيات النفسية , وكتبت عنه في أخبار اليوم وعن قيامه بعمليات نصب وأنه لا يجوز طبقا للقانون أن يكون نائباً بالبرلمان فترصدني هو ومن معه لقتلي بسيارة ولولا ستر ربنا أن أحد المارة دفعني بقوة علي الرصيف لأقع علي الأرض ونزل من معه لاستكمال المهمة , لكن تدخل المارة فهرب النائب ومن معه وجاءت الشرطة والنيابة وكنت مشغولا بعلاجي من أثر ما حدث ونشرت صحف الأهرام والوفد والجمهورية ما حدث . عندما قرأ الأستاذ جلال السيد ما حدث كتب مقالا في عموده الأسبوعي عن قصة الاعتداء وطالب بإسقاط العضوية عن هذا النائب , وبالفعل استجاب رئيس المجلس والنواب أغلبية ومعارضة لمقال عمنا جلال السيد ,خاصة أنه كان محبوبا من النواب وانتصر الجميع لحرية الصحافة وتم إسقاط عضويته من البرلمان ليواجه مصيره في النيابة والقضاء .

زر الذهاب إلى الأعلى